22/04/2020
تقف مدينة الرياض الآن في خضم ثورة اقتصادية لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل، كما يقول رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض. وتملك العاصمة خططًا طموحة للتحول إلى مدينة عصرية ضخمة، ومركز للترفيه تدعمها مشاريع تزيد قيمتها عن 55 مليار دولار.
أحلام كبيرة، وتطلعات تصل إلى أعنان السماء. تسعى الرياض إلى تحقيق الكثير من الأهداف من بينها التحول إلى مدينة عصرية ضخمة في منطقة الشرق الأوسط، ومركز للترفيه. ومن المتوقع طرح 420 مشروعًا تزيد قيمتها عن 206.25 مليار ريال سعودي (55 مليار دولار) خلال العقد القادم، معظمها ينطوي على استثمارات القطاع الخاص.
كما تستعد العاصمة لاستضافة قمة مجموعة العشرين القادم في أواخر هذا العام، كما استضافت عددًا من الاجتماعات المرموقة بما في ذلك مؤتمر التخطيط العمراني لمجموعة العشرين، ومنتدى مشاركة المجتمع والذي حضره وفود من دول العشرين.
تعد المملكة العربية السعودية الدولة الوحيدة العضو في مجموعة العشرين، ولاشك أنها سوف تسعى إلى الاستفادة من هذه الفرصة المميزة لاستعراض خططها المستقبلية وفق برنامج رؤية 2030 لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط.
وحسب ما يقول فهد الرشيد الذي تولي في نوفمبر الماضي منصب رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض، الهيئة المختصة بتخطيط وتطوير مدينة الرياض والتي كانت تعرف سابقًا بهيئة تطوير مدينة الرياض، فإن عدد سكان الرياض سوف يتضاعف في 2030، مع نمو مخطط يبلغ ثمانية بالمائة كل عام. وهذا يتماشى مع خطة المملكة لتحويل العاصمة إلى مدينة عصرية ضخمة في منطقة الشرق الأوسط، كما ذكر تقرير من صحيفة أراب نيوز.
جاء ذلك على هامش الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي أقيم في دافوس في شهر يناير الماضي.
«تعد الرياض أكبر اقتصاد حضري في المنطقة، ولكن خططنا تستهدف تحويلها إلى مدينة عصرية ضخمة. إن ما سنراه في الرياض هو ثورة اقتصادية لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل.» وذلك نقلا عن رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض.
وأضاف بأن الهدف هو تعزيز مكانة الرياض كمدينة مستدامة وحيوية مع مرافق عائلية، ورياضية، وفعاليات متنوعة، ومنشآت صحية، ومدارس متطورة.
وحسب ما يقول الرشيد، فإن الهيئة الملكية تخطط لطرح نحو 424 مبادرة بمختلف الأحجام على مدى العقد القادم بقيمة إجمالية تبلغ 206.25 مليار ريال (55 مليار دولار). ومن المتوقع أن تكون هذه المشاريع مفتوحة لاستثمارات القطاع الخاص.
وأشار إلى أنه سيتم افتتاح مشروع قطار الرياض ومدينة الملك عبدالله المالية افتتاحًا تجريبيًا خلال وقت انعقاد قمة العشرين التي ستضم نخبة من الرواد من جميع أنحاء العالم وستقام في شهر نوفمبر.
وقد وصل العمل في مشروع قطار الرياض البالغة تكلفته 22.5 مليار دولار بامتداد 176 كم إلى مرحلة متقدمة. ووفقًا لما ذكره تقرير إنترناشيونال ريلاوي جورنال، فإنه سيتم افتتاح المسارات 2 و3 و4 أولا، بمعنى خط واحد لكل من الائتلافات الثلاثة المسؤولة عن بناء المشروع.
كما يتقدم العمل أيضًا في تطوير وتوسعة مطار الملك خالد الدولي في الرياض، حيث يتم بناء مبنى الركاب 3 و4، مع توسيع الممر الواصل بين المبنيين لتحويله إلى منطقة لإنهاء إجراءات سفر الركاب. من ناحية أخرى، تم منح إشارة البدء لإنشاء مبنى ضخم للشحنات في أوائل هذا العام. ووفق الاتفاقية، ستقوم شركة ساتس السنغافورية بإنشاء مبنى للشحن على مرحلتين يغطي مساحة إجمالية تبلغ 60 ألف متر مربع. ومن المتوقع استكمال المرحلة الأولى من البناء في منتصف 2022.
وبالإضافة إلى القطار ومركز الملك عبدالله المالي، فإن الهيئة الملكية تشرف على العديد من المبادرات الحضرية الأخرى، بما في ذلك برنامج تطوير الدرعية التاريخية، ومركز الملك عبدالعزيز التاريخي.
كما بدأت الهيئة الملكية لمدينة الرياض تنفيذ أربعة مشاريع معرفية بقيمة 23 مليار دولار أدرجت تحت تصنيف «مشاريع الرفاهية» وتهدف إلى ملامسة كل عنصر من عناصر الحياة سواء الصحية أو الترفيهية أو الرياضية أو الزراعية أو الفنية أو الاقتصادية أو الاستدامة أو الرفاهية أو التنوع البيوليوجي.
وتعد مشاريع مثل حديقة الملك سلمان، والمسار الرياضي، والرياض الخضراء، والرياض آرت من بين المشاريع المحورية التي تشكل جزءًا من تطلعات العاصمة السعودية في أن تكون واحدة من أكثر المدن حيوية في العالم. ويأتي ذلك مكملا لبرنامج «جودة الحياة» وفق رؤية 2030، وتتماشى أيضًا مع أهداف التنمية المستدانة للأمم المتحدة في خلق مدن ومجتمعات مستدامة، مع اتخاذ إجراءات طارئة ضد التغير المناخي.
يعد الرياض الخضراء أكثر المشاريع طموحًا وهي مبادرة للتشجير تمتد في جميع أنحاء المدينة، وتشتمل على زراعة 7.5 مليون شجرة، وتهدف إلى خفض درجة الحرارة في المدينة بحوالي درجتين مئويتين، وتوفير الظلال، بما يتيح للسكان المشي وممارسة الرياضة في الخارج. ويهدف المشروع إلى زيادة نسبة الغطاء الأخضر من 1.51 بالمائة في الوقت الحالي إلى 9.1 بالمائة (حوالي 541 كم مربع) بحلول عام 2030.
أما حديقة الملك سلمان فستكون أكبر حديقة في العالم، وتقع على مساحة 13.4 كم مربع، أي أربعة أضعاف مساحة سنترال بارك في نيويورك. تقع المدينة على أرض كانت تشغلها قاعدة الملك سلمان الجوية من قبل (مطار الرياض القديم)، وسيتم ربط الموقع المركزي للحديقة بست طرق رئيسية. ستتكون الحديقة من مساحات خضراء وأماكن مفتوحة تزيد مساحتها عن 9.3 مليون متر مربع، وحدائق على مساحة تربو عن 400 ألف متر مربع، وممشى دائري يمتد على 7.2 كم، ومنطقة الوادي على مساحة 800 ألف متر مربع، وعناصر وتشكيلات مائية على مساحة 300 ألف متر مربع.
سوف تشتمل الحديقة على مجمع الفنون الملكي ويمتد على مساحة تزيد عن 400 ألف متر مربع، وسيضم مسرحًا وطنيًا يسع لنحو 2500 مقعدًا، وخمس مسارح داخلية بمختلف الأحجام، ومسرح مفتوح لـ 8 آلاف مشاهد، و3 شاشات سينما، وأربع أكاديميات للفنون، ومركز تعليمي لصقل المهارات الشابة. بالإضافة إلى سبعة متاحف، للطيران والفضاء والفلك والغابات والعلوم والعمارة والواقع الافتراضي.
ولتلبية احتياجات الأنشطة الرياضية، سوف تشتمل حديقة الملك سلمان على ملعب الجولف الملكي على مساحة 850 ألف متر مربع، ومجمع رياضي على مساحة 50 ألف متر مربع، وغرفة ألعاب الواقع الافتراضي، ومركز للبراشوت والبالونات الهوائية، ومركز للفروسية، ومضمار للجري وركوب الدراجات.
ومن بين المواصفات الأخرى للحديقة مركز للمعرفة والثقافة والبيئة على مساحة 80 ألف متر مربع، ومعارض تفاعلية، وقاعات متعددة الأغراض، وغرف للاجتماعات، وحضانات للأشجار والنباتات، علاوة على مساحات مفتوحة، ومنطقة للترفيه واللعب على مساحة 100 ألف متر مربع، وحديقة مائية على مساحة 140 ألف متر مربع، ومركز ترفيهي عائلي، ومنصة للمراقبة.
كما ستضم الحديقة مجمعات للمباني السكنية تضم 12 ألف وحدة على مساحة تزيد عن 1.6 مليون متر مربع، و16 فندقًا، ومساحة 500 ألف متر رمبع مخصصة للمطاعم والمقاهي ومحلات التجزئة، ومبانٍ للمكاتب تغطي 600 ألف متر مربع، والعديد من المرافق.
تتصل حديقة الملك سلمان بخمس محطات لقطار الرياض، و10 محطات للحافلات، وفي داخل الحديقة يمكن استخدام المركبات الذكية والسيارات والدراجات الكهربائية. من المتوقع استكمال العمل في المشروع في 2024.
أما المسار الرياضي فسيكون وجهة للصحة والرفاهية في قلب المدينة، ليوفر شبكة من طرق الدراجات ويضيف مضمارًا مبهرًا على مساحة 135 كم. يمتد المسار من وادي حنيفة إلى وادي السلي، وسيوفر لمحبي الرياضة 220 كم مخصصة لمضمار الدراجات، و123 كم لركوب الخيل، ومضامير للمشي حول المشروع بأكمله، ومناطق للتوقف والاستراحة لراكبي الدراجات في الواديين، و3.5 مليون متر مربع من المساحات الخضراء المفتوحة، والمقاهي.
سيتم زراعة 120 ألف شجرة وريها بمياه الصرف الصحي المعالجة، فضلا عن تركيب العديد من النصب التذكارية والأعمال الفنية التي تشمل 10 أعمال رئيسية.
أما المشروع الرابع فهو الرياض آرت، وسيحول المدينة إلى قاعة فنية واسعة بدون جدران من خلال برنامج الفنون العامة التفاعلية عالمية المستوى. ويتضمن المشروع تركيب أكثر من 1000 عمل وتشكيلات فنية من قبل فنانين محليين وعالميين، وأكبر برامج فنية في العالم.
مركز ترفيهي
تمشيًا مع رؤية السعودية 2030، كشفت مدينة الرياض عن خطط ضخمة على مدى العامين الماضيين لتحويل المدينة إلى مركز للتسلية والترفيه لخدمة سكان المدينة والسياح على حد سواء.
وفي أواخر الشهر الماضي أعلنت شركة مشاريع الترفيه السعودية (سفن)- إحدى شركات صندوق الاستثمار المكلفة باستثمار وتطوير وتشغيل الوجهات الترفيهية في المملكة- بأنها تقوم بتطوير مجمعين للترفيه في العاصمة الرياض، أحدهما في الحمراء والآخر في النهضة.
يقع المركز الترفيهي في الحمراء عند تقاطع شارع الملك عبدالله مع الطريق الدائري الشرقي، وسيخدم المنطقة المأهولة بالسكان الواقع شمال شرق الرياض التي تضم أكثر من 2.5 مليون نسمة ضمن قطر 30 دقيقة بالسيارة.
ومن بين أكثر المشاريع طموحًا التي يأتي على قمة أولويات العاصمة هو مشروع القدية والذي يهدف أن يكون أكبر مدينة ترفيهية في العالم. تم الإعلان عن المشروع لأول مرة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وصندوق الاستثمارات العامة في أبريل 2017، وأقيم حفل تدشين المشروع في أبريل 2018. تخطط مدينة القدية إلى افتتاح المرحلة الأولى في 2030 مع تطوير المرحلة الثانية في 2023-2024، والمرحلة الثالثة في 2026-2035.
ومن بين المشاريع الرئيسية الأخرى التي تم الكشف عنها في الشهر الماضي خطة لتطوير ملعب جولف جريج نورمان 27 حفرة في الدرعية. وسيكون الملعب جزءًا من المنطقة السكنية وادي صفر ضمن مشروع بوابة الدرعية، وهو وادي يقع شمال غرب الرياض.
يتم تطوير الدرعية لتكون وجهة عالمية جديدة للثقافة وأسلوب الحياة الراقي، ومن المتوقع أن تستضيف علامات تجارية راقية وأكثر من 100 مقهى ومطعم.
لقد بدت أهداف وتطلعات مدينة الرياض واضحة في موسم الرياض الذي انتهى مؤخرًا، وهو أكبر موسم ترفيهي للمملكة واجتذب أكثر من 10 مليون شخص. اشتمل الموسم على ما يربو على 100 فعالية تتراوح بين حفلات موسيقية حية من فرق موسيقية عالمية إلى استقبال أول بطولة للمصارعة النسائية في السعودية، بالإضافة إلى الفعاليات عالمية المستوى مثل وينتر لاند من لندن، أشهر فعاليات هايد بارك لاحتفالات عيد الميلاد، وبازار سيرك دي سولي، وسفاري الرياض، والفعالية الثقافية التلقليدية نبض الرياض.