13/12/2022
حوار مع إيان ريلي، الرئيس التنفيذي للملتقى الدولي لصناعة الأسمنت في أعقاب انعقاد المؤتمر الدولي مؤخرًا في دبي لبحث الخطوات التي يجب على صناعة الأسمنت في منطقة الشرق الأوسط اتخاذها لتحقيق الحياد الكربوني لصناعة البناء.
تتهم صناعة الأسمنت بمسؤوليتها عن الانبعاثات الكربونية، مع إصدار خمسة أضعاف ثاني أكسيد الكـــربون عـــن نظـيرتها صناعة الحديد. وتعد انبعاثات منتجي الأسمنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوقت الحالـــي أعلـــى بنحـــو 35 بالمـــائة عن المتـــوســــط العالمي، ولكــــن هــــــذه الصـــناعــــة قــــادرة على خفض انبعاثاتها الكربونية حتى 50 بالمائة من خلال عـــدد من الإجـــراءات، كمـــا يقـــول إيان ريلي، الرئيس التنفيذي للملتقى الدولي لصناعة الأسمنت.
ولكن صناعة الأسمنت في المنطقة لا تبذل الجهد الكافي لخفض انبعاثات الكربون، كما يوضح ريلي. ومن أهم طرق خفض الانبعاثات هو زيادة استخدام المواد الأسمنتية التكميلية بديلا عن الأسمنت التقليدي أو كلنكر.
بالإضافة إلى ذلك، ولتشجيع الصناعة على خفض انبعاثات الكربون، يجب على الحكومات طرح حوافز مثل تسعير الكربون والمشتريات الخضراء للمشاريع العامة مع تشجيع إعادة تدوير مخلفات الخرسانة، كما يقول.
مقتطفات من المقابلة:
ما هي النتائج الهامة الرئيسية التي خلص إليها الملتقى الدولي السنوي لصناعة الأسمنت الذي أقيم في شهر سبتمبر؟
ببساطة أن صناعة الأسمنت لا تقدم الجهد اللازم، ومن الواضح أنها يمكن أن تقدم المزيد في الحفاظ على الاحتباس الحراري العالمي ضمن 1.5 درجة، من خلال تحقيق الأهداف التي تتطلب وصول انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم إلى صفر بحلول عام 2050. ومع الأخذ في الاعتبار أن المواد خاصة الخرسانة والبلاستيك والفولاذ والزجاج والألمنيوم مسؤولون عن 31 بالمائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، فإن هناك الكثير مما يمكن لشركات الأسمنت تقديمه اليوم ليس لخفض الانبعاثات فحسب، بل والحد من التكاليف أيضًا في نفس الوقت.
وبالنظر إلى المستقبل، فإنه يتعين على الشركات تبني منهجًا متكاملا وشاملا للتركيز على العمليات بما فـــــي ذلك الطاقـــــة الشمـــــسية، وأنظــــمة استعادة الحــــرارة المهــــــدرة، والكتل الحيوية المستدامة، واستخدام المواد الخام البديلة، والتقاط الكربون، والاستخدام والتخزين، والذكاء الاصطناعي.
ما هي نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي يجب على منتجي الأسمنت خفضها؟ وما هي الإجراءات الواجب اتخاذها من قبل منتجي الأسمنت لتحقيق ذلك؟
يمكن لمنتجي الأسمنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حتى 50 بالمائة من خلال العديد من العمليات، بما في ذلك الحرارة المهدرة لإنتاج الطاقة الكهربائية (استعادة الحرارة المهدرة) وهي تكنولوجيا معروفة وتحقق عائد على أساس توفير الطاقة الكهربائية. ولكن في بعض البلدان التي يتم فيها دعم الطاقة الكهربائية مثل مصر، فإن الاستثمار في استعادة الحرارة المهدرة لا يحقق عائدات على الاستثمار.
ومن أهم الطرق المستخدمة لخفض انبعاثات الكربون هو زيادة استخدام المواد الاسمنتية التكميلية بدلا من الكلنكر أو الأسمنت التقليدي. ومن أكثرها استخدامًا هي الرماد المتطايرة من حرق الفحم وخبث الفرن العالي. ولكن لسوء الحظ فإن هذه المواد ناقصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولكن هناك الكثير من البدائل المتوفرة مثل الطين المكلس والطبيعي. إن التكنولوجيات المبتكرة جعلت المادتين أكثر كفاءة من ذي قبل.
ومن الطرق الأخرى التي تساعد على خفض الانبعاثات منها استبدال الفحم بوقود آخر. ويمكن حرص كثير من أنواع الوقود البديلة مثل المخلفات الزراعية في أفران الحرق الأسمنتية وتتمتع بانبعاثات كربونية منخفضة.
كيف يمكن للسياسات الحكومية أن تساعد على دفع عملية إزالة الكربون؟
تعد الحوافز الاقتصادية من أهم العوامل المساعدة، حيث أن الأسمنت يصدر أكثر انبعاثات كربونية لكل دولار من الإيرادات. وحسب شركة ماكنزي آند كومباني، فإن الأسمنت يحقق 6.9 كغ ثاني أكسيد الكربون لكل دولار من الإيرادات. ولكن يجب على الحكومات أن تطرح حوافز للمشاريع العامة لإسراع عملية التغيير.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عدد من التكنولوجيات الجديدة التي تتيح معالجة مخلفات الخرسانة وإعادة استخدامها في إنتاج الخرسانة الجديدة، مع تقليص ثاني أكسيد الكربون. ولترويج هذه التكنولوجيات، يتعين على الحكومات تشجيع عملية إعادة التدوير مع تبني سياسات خاصة تميل إلى جانب المواد الأولية المعاد تدويرها، مع القيام بدور هام في ضمان الالتزام بالمعايير المناسبة.
ما هي المشاريع المحلية الجيدة أو المبادرات التي تعتبر رائدة في خفض الانبعاثات في المنطقة؟
إن المشاريع السعودية العملاقة تشكل فرصة لإحداث التغيير. فمن الممكن أن يكون لديها مواصفات خاصة للمنتجات الخضراء أو تبني عمليات مناقصة تأخذ في حسبانها انبعاثات الكربون لكل عطاء باستخدام طريقة دورة حياة إقرار المنتج البيئي. هذا سوف يساعد على تعزيز مكانة المنتجات الصديقة في البيئة، والميل إلى الممارسات المؤثرة على المناخ.
وتعد شركة دالميا للأسمنت وهي رائدة في الصناعة وعضو في المنتدى الدولي لصناعة الأسمنت مثالا استثنائيًا في إبراز ما يمكن تحقيقه عندما تكون الإدارة ملتزمة حتى في الهند، وهي بلد لا تملك سعرًا للكربون. تصدر دالميا الآن أقل انبعاثات من بين كبرى شركات الأسمنت في جميع أنحاء العالم، فقد سجلت 468 كلع للطن من الأسمنت اعتبارًا من يونيو 2022.
كيف استقبل منتجو الاسمنت خارطة الطريق التي رسمها المنتدى الدولي لصناعة الأسمنت لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهل تم إلقاء الضوء على أي إجراءات/مجالات للتحسين؟
قام المنتدى الدولي لصناعة الأسمنت وشريكه Coا&اA3. بتطوير خارطة طريق تركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتشجع منتجي الأسمنت في المنطقة على اتخاذ المزيد من الإجراءات لخفض انبعاثاتهم الحالية من ثاني أكسيد الكربون قبل أن تقوم الحكومات بتطبيق سياسات وسن قوانين. وتوفر خارطة الطريق للمنتجين العديد من الخطوات الرئيسية، بما في ذلك التميز التشغيلي، واستخدام المنتجات الأسمنتية التكميلية، والتحول إلى استخدام المزيد من المخلفات والكتل الحيوية، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة من خلال استعادة الحرارة المهدرة، وغيرها الكثير. وقد رحب المؤتمر بالمنهج المتميز لخارطة الطريق، وأعتقد أن كثير من الشركات سوف تتجه إلى إعادة التفكير في المنهج الذي تطبقه في مواجهة التحديات الطارئة التي تواجهها الصناعة.
كيف يمكن لعملية إزالة الكربون أن يكون لها مزايا تنافسية لمنتجي الأسمنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟ كيف يمكن أن تحقق المنطقة الريادة وتشجع المنتجين حول العالم لمزيد من الاستدامة والابتكار؟
عند مقارنة متوسط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المنطقة لكل طن من الأسمنت، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصدر حوالي 830 كلغ مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 620 كلغ، مما يعني أنه أعلى بنسبة 35 بالمائة عن المتوسط. والنتيجة وجود حاجة ماسة وإمكانيات هائلة للمنطقة لإزالة الكربون، ولكن نحن بحاجة إلى مزيد من الانخفاضات حيث تم تحقيق تقدم بسيط في القطاع حتى الآن. إن تطبيق عمليات مستدامة ومبتكرة في مصانع الأسمنت يتطلب استثمارات مستمرة ولكن مع بعض الاستثناءات، فإن الاستثمارات اللازمة لخفض انبعاثات الكربون ستكون ضمن حدود الميزانيات العادية. لذا من المهم إبراز المزايا والنتائج المترتبة على مثل هذه الاستثمارات من خلال إصدار تقارير تتميز بالشفافية في العالم، مما يشجع المنتجين الآخرين حول العالم على تطبيق استراتيجيات مماثلة.